التالي | الصفحة الرئيسية | مصطفي سيد أحمد | قائمة القصائد | ألبوم الصور | السابق |
غناء العزلة ضد العزلة |
|
( النص كاملاً ) |
الصادق الرضي |
كما يتسرب الضوءُ شفيفاً |
صوب سطحِ البحرِ |
وهو محمّلٌ بروائحِ القمرِ النبىِّ |
خلاصة السحرِ .. غناءُ النشوةِ الكبرى |
وهفهفة العناصر فى تراكيبِ الضياء |
تتصاعدُ الأرواحُ فى الأمواجِ |
وهى ترتـِّلُ الغصةَ شيئاً من خواصِ الماء |
خيطاً من دخانِ الرغوِ |
فى همسِ المزاميرِ |
ووشوشة الغناء على شفاهِ الحورِ |
إذ يسبحنَ بين القاعِ والسطحِ |
فضاءُ الرهبةِ الصدفيـّةِ .. اللاّلون |
حيث الصمتُ فاتحةُ الوجودِ الداخلىِّ |
.. لدولةِ البحرِ وقانون المياه |
خـُذ من شعاعِ الشمسِ نافذة |
.. وحلّق فى فضاءاتِ الغياب |
إلى رحيلٍ .. أبدىٍ |
.. لا مكان الآن .. لكْ |
واللهُ يسكنُ بالأماكنِ .. كلِها |
وجهاً يضوِّءُ بالأزقةِ |
شارعاً يمتدُ فى كِسرةِ الخُبزِ ـ الطعامِ المستحيلِ ـ |
إلى ثيابِ الفقراء |
ماذا يلوِّحُ بالنوافذِ ؟ |
هل ترى منديلَ عاشقةٍ بلونِ البحرِ |
دمعُ صبابةٍ .. فى نهدِ عاشقةٍ بطعمِ النارِ ... يقطرُ |
والعصافيرُ إكتمالٌ للندى |
.. فى شُرفةِ الحلمِ .. تسد الأُفق |
تبحثُ عن طفولتِها بذاكرةِ الفضاء الرحبِ |
والفجرِ المعلّب فى رِفوفِ الصمتِ |
واللغةُ الخفيةُ للغناءِ على مسامِ العشبِ |
والشجرُ المخبأُ فى تماثيلِ الشجر |
الحزنُ لا يتخيّر الدمعَ ثياباً |
كى يُسمّى فى القواميسِ .. بكاء |
هو شىءٌ يتعرى من فتاتِ الروحِ |
يعبرُ فى نوافيرِ الدمِ الكبرى |
ويخرجُ من حدودِ المادةِ السوداء |
شىءٌ ليس يفنى فى محيطِ اللونِ .. أو يبدو هُلاماً |
فى مساحات العدم |
الحزنُ فينا كائنٌ يمشى على ساقين |
دائرةٌ تطوِّف فى فراغِ الكون |
تمحو من شعاعِ الصمتِ .. ذاكرة السكون المطمئنة |
كيف ترفضُّ الجدائلُ.. |
فضةً فى الضوءِ |
ترفضُّ الفقاقيعُ مابين إمرأةِ الرزاز |
إشارةً للريحِ فى المطرِ الصبىِ |
إضاءةً للماء .. خيطاً من حُبيباتِ الندى |
سحراً .. صلاةً .. هيكلاً .. قوسَ قُزح |
ذلك سرُ الكونِ .. |
أن تبصِرَ فى كلِ حُسنٍ آيةً للهِ |
أنواراً من الملكوتِ .. والسحرِ الإلهىِّ المهيب |
ذلك سرُ العدلِ .. |
أن تتفجر الأشياءَ .. تفصِحُ عن قداستِها |
.. ترى فى الشىءِ ما كان إحتمالاً |
ثم تنفتحُ الكنوز |
الأرضُ كانت تُدخِرُ القمحَ لأطفالٍ لها.. |
فقراء .. لا يتوسدون سوى التراب |
قُلْ للذين يوزعون الظلمَ بإسمِ اللهِ فى الطرقاتْ |
وفى صفوفِ الخُبزِ .. والعرباتِ .. والغرف الدمارْ |
البحرُ .. يا صوتُ النساءِ الأُمهاتْ |
القحطُ .. يا صمت الرجالِ .. الأُمهاتْ |
اللهُ حىٌّ .. لا يموتْ |
كيف إستوى ماكان بالإمسِ هواءاً نتناً .. روحاً بغيضاً |
بما كان هواءاً .. طيباً |
ريحاً يؤسسُ معطياتِ الشارعِ الكبرى |
عبيراً ضد تلك الرائحة |
ما أشبه الليلةَ بالبارحة |
كلِ ما كنا نغنيهِ على شاطىءِ النيلِ |
تغيّبْ ... وأنطوى |
فى الموجِ منسياً .. حُطاماً فى المرافىءِ |
أو طعاماً للطحالبِ |
فى إنزلاقِ الصوتِ للقاعِ |
وفى صمتِ المسافاتِ القصيّة |
نحنُ فى ساعةِ الحزنِ وميقاتِ الفجيعةِ |
والفراغِ العاطفى .. الوطنى |
الآنَ لن نبكى |
ولكن .. من يساومُ بالغدِ الآتى |
وماذا سوف نخسرُ ؟ |
نحن بالغربةِ رتبنا بلاداً |
لا تُشابهُ غير وجه الذاتِ .. بالمرآةِ |
إمرأةٌ هى الغةُ .. الرمادْ |
لا تثقْ بالقلبِ |
إن العِشقَ يؤذى |
بينما يُجدى التحرُكُ فى السِكونِ |
.. وفى مساحاتِ الأنا |
وعىُ التكوُّنِ .. وأبتكارُ الفردِ .. مجموعاً |
يوازى سلطة الإطلاقِ |
تحديد المواضِعِ .. بالإشارةِ نحوها بالإسمِ |
تفتيتُ الهُلامِ |
وأختراقُ السرِّ |
فتحُ نوافذَ الأشياءِ |
تكريسُ التفاصيلِ الدقيقةِ |
قوةٌ تنسفُ الأحلامَ .. والذكرى |
وأشباهَ الحبيباتِ ـ الدمى ـ والأصدقاءْ |
لا تثق بالقلبِ |
كى يتصاعدُ الضوءُ على كلِ المساحاتِ |
وحدِّق جيداً |
إخترْ مكانك وأحترق حيثُ إنتهيتْ |
أنت منسوبُ الدمِ الآن |
وأنت الإشتعال ـ النارُ مجمرةُ الغضب |
أنت إذن ضياءُ اللحظةِ الآتى |
أنا ــ أنت : نحنُ والناسُ والشارعُ |
والعواميدُ التى تمتدُ بالأسفلتِ |
صوتى ــ صوتك المشروخُ فى صدإِ المقاعدِ |
وإنهيارُ البراكينِ |
لم أقل أن الفضيحةَ قد تراءت فى تلافيف العُمامة |
وأمتدادُ اللحية ـ الزيف |
لماذا لم تقل أن العمارات إستطالت |
.. أفرغت أطفالك الجوعى .. على وسخِ الرصيف |
أنت تعرف أنهم .. |
يقفون ضدك ــ ضدنا ــ ضدى |
وأعرفُ أننى سأظلُ السلطة ـ اللاّ وعى |
نحن الآن فى عُمقِ القضيةِ |
مركز النارِ |
وبالهامشِ .. تبقى سلطة اللغةِ الخفيفة |
كى تُعلَقَ فى الفراغ |
نعم ستنسى كل ما يأتون من فعلٍ .. وقول |
سوف نصلبُهُم عرايا .. بالمساميرِ |
على بوابةِ التاريخِ |
ثم نعبىءُ الأيامَ فى الصمتِ الخرافىِ .. الرهيب |
لستَ من نورٍ لتغفرَ |
أنت من طينٍ لتبنى |
فأبنى لى بيتاً لنا ــ لكَ ــ للصغارِ القادمين |
أن يكُ للعدلِ فى الأرضِ وجود |
فليكن دمُنا هو المقياس |
إن تكُ السماءُ مقابلاً للأرض |
فلتكن الدماءُ مقابلا للعدل |
قال اللهُ كونوا ــ ثم كنا |
هل تحققنا تماماً من وجودِ الذات |
.. فى أرواحنا |
ضوء التكوّنِ .. وأنطلاقُ الكائنات ؟ |
نحن نخرجُ من غناء العزلة الكبرى |
لنكتب عن غناء العزلة الكبرى |
ولكنّا نصاب بضربةِ الحزنِ |
أوان خروجِنا من داخِلِ الصمتِ |
.. وفى جوفِ السؤال .. |
URL: http://www.sudannow.8m.net/ Email: Sudannow@computermail.net |